لغة الصمت

موضوع: لغة الصمت الإثنين أكتوبر 22, 2007 6:23 am

لغة الصمت
ما الذي يجعلنا نرتدي الصمت؟ أهي لحظة ضعف؟ وما الذي يجعلنا لا نجيب على السؤال ونستبدل الإجابة بالصمت ونجعله يقفل لساننا وكأننا لم نفهم السؤال؟.

يأتي الصمت ليخلع الكلمات من على جسدنا لنلبسه معطفا نحتمي به من برد الكلمات ويأتي لينقذنا من ذاك السؤال الذي يدب علينا كالنسر ليصطاد فريسته!.

منهم من يسألك لمجرد فضول, ومنهم من يسألك ليستدرجك شيئا فشيئا ليصل إلى مبتغاه وأنت كالمغفل تجيب على أسئلته وأنت لا تعرف ما الذي يخفيه بقلبه, ومنهم من يسألك أسئلة غبية ويجبروك على الإجابة بأجوبة غبية مثلها مثلا: يسألونك ما اسمك لا ما إذا كان هذا الاسم يناسبك , يسألونك كيف حالك لا ما هي أوجاعك وآلامك , هل تصلي لا هل تخاف الله, من تحب لا ما إذا كان الذي تحبه يحبك, ما رأيك لا ما إذا كان رأيك سيؤثر على الأحداث التي تجري, فلهذا تعودت أن أجيب على هذه الأسئلة بالصمت فللصمت أحيانا قدرة فائقة على التعبير عما تعجز الحروف والكلمات عن توضيحه!.
فهؤلاء مثلا لا يسألون سوى القدر , ولا يحدثون سوى القدر ولا يخاطبوننا نحن فهم يسألوننا عن الذي حدث لنا ولا يسألوننا عن الذي نحب أن يحدث وعن رغباتنا وطموحاتنا, نحن, لنا شخصية مستقلة تحب وتكره هي, وليس ماضيها.

ما اجمل الصمت وما أجملها من لغة تحكي عما يجول بفكرنا , تتكلم دون أن تكلم نحن, إنها لغة لا تعي الكذب ولا تكذب أبدا كما العيون تماما فالعيون يستحيل أن تكذب, فأنت تحاول أن تفعل حركات لتري الآخرين انك لا تكذب ولكنّ عينيك تخدعاك دائما بصدقها, فإذا كنت تريد أن تعرف ما إذا كان الذي تتكلم معه يكذب أو لا فانظر إلى عينيه وتمتع بما ابتدع الخالق من نعم وانظر إليها علّك تجد ما يخفيه قلبه وفكره.

ولكن ما هو الصمت أهو ادعاء لشرود الذهن حاضر ولست بحاضر؟ وتكتفي بعض الأحيان بإيماءات, وفي أحيان كثيرة تشل شفتاك بعض طرفها وتفضل الصمت حين تستسلم؟!, الصمت لغة , أبجدياتها نحن وضعناها , نسقنا تصويرها والإبداع في تمثيلها حركنا قواعدها وجعلناها سلاح وراية بيضاء.

لغة الصمت قد تكمن في شفاه مستسلمة أو عيون متعمقة أو في حركات لا يفقهها إلا لبيب, نعم فلغة الصمت مهيبة وأنواع الصمت كثيرة ومعانيه جميلة لمن يستطيع فك رموزه , قد يكون الصمت قرار, وقد يكون علاج , وقد يكون عملية قتل بطيئة ,! ولكن من منا يستطيع فهم تلك اللغة الرائعة.

منهم من نراهم دائما صامتون ينسجون لنفسهم خيالا يسكنون به, ولكنهم ليسوا بصامتين بل يتكلمون لغة الصمت مع أنفسهم ,وان نظرت إلى عيونهم تراهم يتكلمون لغة يصعب فهمها وقد نسمع همساتهم ووشوشاتهم, فتلك الهمسات تخاطب الروح وتسكن الجسد ومن هنا نبدأ الخطاب الروحاني بين الأجساد , فليس هناك شيء اسمه صمت كما يتبادر إلى أذهاننا عند سماعنا لكلمة صمت! فالصمت إحساس ومشاعر ولصمتنا صوت ومكان وإيماءات فتلك هي لغة الصمت!.

الصمت نعمة من الله سبحانه وتعالى, وعلينا أن نحسن استعمالها وعلينا أن نتقن لغة الصمت علّنا نفهم الكثير من أسرار الحياة.

مقال اعجبني ونقلته

عضو فعال المساهمات : 69 تاريخ التسجيل : 17/10/2007

مشكوور على المقال